رؤي التراحم

رؤيه أخرى للتراحم ..التراحم بالنسبة لي أن أعود لأعيش اللحظة، أن أعود للحياة بإقبال وأمل، أن تعود لي ثقتي بنفسي، وبمن حولي.
أن أرى ما هو خلف الكلمات، وخلف الأحكام، أن أعيش ما هو حي بداخلي، وبداخل الأخرين، أن أسعى وداخلي يقين (وأن سعيه سوف يرى)، حينها أمتن لما أصنع مهما كان صغيرا ومهما كانت ردود الأفعال، فأنا عليّ الفعل، والنتيجة فى يد الله الموفق والمستعان..
أصبحت فى أحيان كثيرة أرضى بالوضع الذي أنا فيه، ومع الأشخاص من حولي، فالعين التى ترى الجمال فيهم هي عين رحيمة بي قبلهم..
وتعلمت أن أحاول بقدر الإمكان أن أصدق الجمال وأن أؤمن به وبوجوده، دون أن يخادعني ذلك الجزء فى عقلي بتفسيرات غير صحيحة إعتاد أن يقيم بها سدودًا بيني وبين روحي، وبيني وبين أرواح تشبه روحي..
وتعلمت أن الأحكام هي جدران لسجن يصنعه الإنسان لنفسه ولمن حوله، وكلما كان تصديقه لها كبيرًا كلما ازداد السجن بجدرانه صلابة، ومهما كانت هذه الأحكام راقية وبراقة فهي فى النهاية تبقي أرواحنا محبوسة فى صورة ولقطة، بعكس ما يريح الروح أن تكون حرة، متغيرة، متحركة، ومتخلصة من القيود..
التراحم كان بداية لحياة ليست كما حياتي من قبل، تخلصت من قيد وراء قيد، لم أعد أسعى للمثالية بسجنها، ولا كذلك أجد غايتي فى القبح والخنوع، فكلمة السر كانت فى أني (انسان) يريد ، يحتاج، يحقق، وأحيانا أخرى لا يستطيع، انسان، بكل ما تحمله الكلمة من معاني فيها المحاولات كما فيها المحدودية، طموحات إلى حد السماء، وحدود أحيانا لا تتعدى سقف صغير.. وكلمة السر الأخرى فى قبولي هذا وذاك ، قبول نفسي بلا شرط، وبلا قيد، الاستمتاع بلحظات السعادة والرضى، والارادة للاستمرار فى المحاولة فى لحظات الأسى.
فتصبح الحياة بين شكر وسعي، بين سراء وضراء، بين نورين، نور الرضا والامتنان، ونور السعي والإجتهاد، وفي الطريقين من وجد الرحمة فهو في معية الله (ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور).
لأدرك أن أفعال الكر والفر، وأفعال دافعها الخوف والقلق والعار والحزن والذنب، وأفعال رابح وخاسر، ضحية وعدو، مفترس وفريسة، هي أفعال تحتاج للتوقف عندها، لنسأل أرواحنا ذلك السؤال البسيط فى مظهره العميق في محتواه.. (ما هو احتياجي؟) .. فالإحتياج غير المشبع مؤلم، وقد بدفعنا الألم باستيقاظ أعنف جزء فينا، أو أن نختار، حين التوقف والمراجعة، أن نتعامل معه بأرحم جزء فينا..
هذا الإختيار وهذه المسئولية، كانت بالنسبة لي بداية للشعور بتحقق إحتياج أصيل داخلي (الحرية) .. 🙂